الحضارة البابلية
نشأَتِ ٱلْحَضَارَةُ ٱلْبابِلِيَّةُ في بلادِ ٱلرّافِدَيْن ، اَلَّتي هِي ٱلْعراقُ حالياً ، وَتُعَدُّ مِنْ أُولى ٱلْمَراكِزِ ٱلْحَضَاريَّةِ في ٱلْعالم ٱلْقَديم.
ٱلْمُدُنِ وَٱلْمَعابد. وخَلَّدَتْ مَلْحَمَةَ جَلْجامِشَ ٱلَّتي تُعَدُّ مِنْ أَشهَر ٱلأعْمالِ ٱلْأَدَبِيّةِ ،
وَهِي قَصِيدَةٌ طَويلةٌ كُتِبَتْ في ٱثْنَتَيْ عَشَرَ لوحا مِنَ ٱلألواحِ ٱلطِّينيَّة ، مُتَرْجَمَةً عَنِ ٱلْأَصْلِ ٱلسّومَرِي.
وفي مَيْدانِ ٱلفلكِ ٱهْتَمَّ ٱلعُلَماءُ ٱلْبابِلِيّونَ بِدِراسَةِ ٱلنُّجومِ وَٱلسّماءِ؛ حَيْث يُمْكِنُ ٱلتّنَبُّؤُ مُسَبّقاً بِانْقِلابِ ٱلشَّمْسِ وٱلخُسوف، وَوضَعوا لِعِلْم ٱلفلَكِ نَهْجاً جديداً في ٱلْقَرنَيْنِ ٱلثّامِن
وٱلسّابع قَبْلَ ٱلميلاد، وَبَدَأوا بِدِراسَةٍ فَلْسَفَةِ ٱلطَّبِيعَةِ . لَقَدْ كانت هذه مُساهَمَةً مُهمَّةً في عِلم ٱلْفَلَكِ وَفَلْسَفَة ٱلْعِلْمِ ،حَتّى إِنَّ بَعْضَ ٱلْعُلَماءِ ٱعْتَبروا هذا ٱلنَّهْجَ ٱلْجَدِيدَ ٱلثَّوْرَةَ ٱلْعِلْمِيَةَ ٱلْأولى.
كما ٱعْتَبَرَ دارِسو ٱلحضاراتِ ٱلْقَديمَةِ عِلْمَ ٱلْفَلَكِ ٱلْبابِلِيِّ أساسَ عِلمِ ٱلْفَلَكِ ٱلّذي تَطَوّرَ في ٱلحَضاراتِ ٱلإنسانِيَّةِ كُلّها.
وَفي مَيدانِ ٱلطِّبِّ تَكْشِفُ أَقْدَمُ ٱلنُّصوصُ ٱلْبابِلِيَّةِ ٱلَّتي تَعودُ إلى ٱلنِّصْفِ ٱلْأَوّلِ مِنَ ٱلألْفِيَّةِ ٱلثانِيَّة قَبْلَ ٱلميلادِ أَنَّ ٱلْبابلِيّينَ أضافوا إلى طبِّ ٱلْمِصْريّينَ ٱلتّشخيصَ وَٱلتوقُّعاتِ
الطِّبِّيَّةَ وَ الْفَحْصَ الْبَدَنِيَّ والْوَصْفَةَ الطِّبِّيَّةَ، و عالَجوا الأمراضَ بِوَسائلَ علاجيَّةٍ مثلَ الضَّمادات والحُبوب . وفي ٱلْمجالِ ٱلتِّقْنيِّ اشتَهرَ ٱلبابِليّونَ بٱخْتِراع ٱلعديدِ منَ ٱلتِّقنيّاتِ ، بما في ذلك تَصْنيعُ ٱلْمعادنِ وٱلزّجاجِ ،وَ صُنْعُ ٱلْمصابيحِ والنَّسيجِ ، وَ التّحَكّمُ في الفَيضاناتِ، وتَخزينُ المياهِ ، وَ تَطْويرُ نظامِ الرَّي .
كما ٱستَخدَموا ٱلنحاسَ وٱلبْرونْزَ و ٱلذهَبَ وٱلحديدَ ، وتَجلّى هذا ٱلإستخدامُ في تزيينِ ٱلقصورِ بمئاتِ ٱلكيلوغراماتِ منْ هذه ٱلمعادنِ ٱلمكلِّفةِ للغاية .وٱستخدموا ٱلنحاسَ وٱلبْرونْزَ وٱلحديدَ أيْضًا لصُنْعِ ٱلدُّروعِ وٱلأسلحةِ ٱلمختلفةِ مثلَ ٱلسيوفِ والخناجِرِ والرّماحِ و الصّوْلَجاناتِ الحربيّ.
و منْ أَهمِّ ما اشتَهرتْ به الحضارةُ البابِلِيَّةُ بين الحضاراتِ الْكوْنيَّةِ القوانينُ التي عُرِفتْ بشريعةِ حَمُّو رابي أَحدِ ملوكِ بابِلَ، وهي شريعةٌ حَدَّدَتْ واجباتِ الأفرادِ وحُقوقَهمْ ، وَ
نَظَّمَتْ وَفقَها المعاملاتُ في ميادين عديدةٍ كالزّراعَةِ والرعي. وقدْ دُوِّنَتْ هذه القوانينُ
باللغَةِ البابليَّةِ وبخطّها المسماريِّ على مِسَلَّةٍ مِنْ حَجَرِالدِّيُورِيتِ الأسودِ، وهي مَعروضَةٌ في متحفِ اللُّوفْرَ بِباريسَ بَعدَ أنْ عُثِرَ عليها سنةَ واحدٍ و تِسْعُمِائَةٍ وَ ألْفٍ .